قال تعالى في سورة الانعام :
(( وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (22) ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ (23) انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (24) ))
فيقول المفكر الاسلامي سيد قطب – رحمه الله تعالى – في تفسيره
في ظلال القرآن - (ج 3 / ص 1)
إن الشرك ألوان ، والشركاء ألوان ، والمشركين ألوان . . وليست الصورة الساذجة التي تتراءى للناس اليوم حين يسمعون كلمة الشرك وكلمة الشركاء وكلمة المشركين : من أن هناك ناساً كانوا يعبدون أصناماً أو أحجاراً ، أو أشجاراً ، أو نجوماً ، أو ناراً . . الخ . . هي الصورة الوحيدة للشرك!
إن الشرك في صميمه هو الاعتراف لغير الله - سبحانه - بإحدى خصائص الألوهية . . سواء كانت هي الاعتقاد بتسيير إرادته للأحداث ومقادير الكائنات . أو كانت هي التقدم لغير الله بالشعائر التعبدية والنذور وما إليها . أو كانت هي تلقي الشرائع من غير الله لتنظيم أوضاع الحياة . . كلها ألوان من الشرك ، يزاولها ألوان من المشركين ، يتخذون ألواناً من الشركاء!
والقرآن الكريم يعبر عن هذا كله بالشرك؛ ويعرض مشاهد يوم القيامة تمثل هذه الألوان من الشرك والمشركين والشركاء؛ ولا يقتصر على لون منها ، ولا يقصر وصف الشرك على واحد منها؛ ولا يفرق في المصير والجزاء بين ألوان المشركين في الدنيا وفي الآخرة سواء . .
ولقد كان العرب يزاولون هذه الألوان من الشرك جميعاً :
كانوا يعتقدون أن هناك كائنات من خلق الله ، لها مشاركة - عن طريق الشفاعة الملزمة عندالله - في تسيير الأحداث والأقدار . كالملائكة . أو عن طريق قدرتها على الأذى - كالجن بذواتهم أو باستخدام الكهان والسحرة لهم - أو عن طريق هذه وتلك - كأرواح الآباء والأجداد - وكل أولئك كانوا يرمزون له بالأصنام التي تعمرها أرواح هذه الكائنات؛ ويستنطقها الكهان؛ فتحل لهم ما تحل ، وتحرم عليهم ما تحرم . . وإنما هم الكهان في الحقيقة . . هم الشركاء!
وكانوا يزاولون الشرك في تقديم الشعائر لهذه الأصنام؛ وتقديم القربان لها والنذور - وفي الحقيقة للكهان - كما أن بعضهم - نقلاً عن الفرس - كانوا يعتقدون في الكواكب ومشاركتها في تسيير الأحداث - عن طريق المشاركة لله - ويتقدمون لها كذلك بالشعائر ( ومن هنا علاقة الحلقة المذكورة في هذه السورة من قصة إبراهيم عليه السلام بموضوع السورة كما سيأتي ) .
في ظلال القرآن - (ج 3 / ص 2)
وكذلك كانوا يزاولون اللون الثالث من الشرك بإقامتهم لأنفسهم - عن طريق الكهان والشيوخ - شرائع وقيماً وتقاليد ، لم يأذن بها الله . . وكانوا يدعون ما يدعيه بعض الناس اليوم من أن هذا هو شريعة الله!
وفي هذا المشهد - مشهد الحشر والمواجهة - يواجه المشركين - كل أنواع المشركين بكل ألوان الشرك - بسؤالهم عن الشركاء - كل أصناف الشركاء - أين هم؟ فإنه لا يبدو لهم أثر؛ ولا يكفون عن أتباعهم الهول والعذاب :
{ ويوم نحشرهم جميعاً ، ثم نقول للذين أشركوا : أين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون؟ } . .
والمشهد شاخص ، والحشر واقع ، والمشركون مسؤولون ذلك السؤال العظيم . . الأليم : { أين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون؟ } . .
وهنا يفعل الهول فعله . . هنا تتعرى الفطرة من الركام الذي ران عليها في الدنيا . . هنا ينعدم من الفطرة ومن الذاكرة - كما هو منعدم في الواقع والحقيقة - وجود الشركاء؛ فيشعرون أنه لم يكن شرك ، ولم يكن شركاء . . لم يكن لهذا كله من وجود لا في حقيقة ولا واقع . . هنا « يفتنون » فيذهب الخبث ، ويسقط الركام - من فتنة الذهب بالنار ليخلص من الخبث والزبد - :
{ ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا : والله ربنا ما كنا مشركين } . .
إن الحقيقة التي تجلت عنها الفتنة ، أو التي تبلورت فيها الفتنة ، هي تخليهم عن ماضيهم كله وإقرارهم بربوبية الله وحده؛ وتعريهم من الشرك الذي زاولوه في حياتهم الدنيا . . ولكن حيث لا ينفع الإقرار بالحق والتعري من الباطل . . فهو إذن بلاء هذا الذي تمثله قولتهم وليس بالنجاة . . لقد فات الأوان . . فاليوم للجزاء لا للعمل . . واليوم لتقرير ما كان لا لاسترجاع ما كان . .)أهـ
النص القراني غني بالدروس والافكار ..
وما اشار اليه السيد - رحمه الله تعالى - غيض من فيض ..
ولكنها اشارات رائعة باسلوبه المتميز الساحر للشرك والشركاء ..
[b]
(( وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (22) ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ (23) انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (24) ))
فيقول المفكر الاسلامي سيد قطب – رحمه الله تعالى – في تفسيره
في ظلال القرآن - (ج 3 / ص 1)
إن الشرك ألوان ، والشركاء ألوان ، والمشركين ألوان . . وليست الصورة الساذجة التي تتراءى للناس اليوم حين يسمعون كلمة الشرك وكلمة الشركاء وكلمة المشركين : من أن هناك ناساً كانوا يعبدون أصناماً أو أحجاراً ، أو أشجاراً ، أو نجوماً ، أو ناراً . . الخ . . هي الصورة الوحيدة للشرك!
إن الشرك في صميمه هو الاعتراف لغير الله - سبحانه - بإحدى خصائص الألوهية . . سواء كانت هي الاعتقاد بتسيير إرادته للأحداث ومقادير الكائنات . أو كانت هي التقدم لغير الله بالشعائر التعبدية والنذور وما إليها . أو كانت هي تلقي الشرائع من غير الله لتنظيم أوضاع الحياة . . كلها ألوان من الشرك ، يزاولها ألوان من المشركين ، يتخذون ألواناً من الشركاء!
والقرآن الكريم يعبر عن هذا كله بالشرك؛ ويعرض مشاهد يوم القيامة تمثل هذه الألوان من الشرك والمشركين والشركاء؛ ولا يقتصر على لون منها ، ولا يقصر وصف الشرك على واحد منها؛ ولا يفرق في المصير والجزاء بين ألوان المشركين في الدنيا وفي الآخرة سواء . .
ولقد كان العرب يزاولون هذه الألوان من الشرك جميعاً :
كانوا يعتقدون أن هناك كائنات من خلق الله ، لها مشاركة - عن طريق الشفاعة الملزمة عندالله - في تسيير الأحداث والأقدار . كالملائكة . أو عن طريق قدرتها على الأذى - كالجن بذواتهم أو باستخدام الكهان والسحرة لهم - أو عن طريق هذه وتلك - كأرواح الآباء والأجداد - وكل أولئك كانوا يرمزون له بالأصنام التي تعمرها أرواح هذه الكائنات؛ ويستنطقها الكهان؛ فتحل لهم ما تحل ، وتحرم عليهم ما تحرم . . وإنما هم الكهان في الحقيقة . . هم الشركاء!
وكانوا يزاولون الشرك في تقديم الشعائر لهذه الأصنام؛ وتقديم القربان لها والنذور - وفي الحقيقة للكهان - كما أن بعضهم - نقلاً عن الفرس - كانوا يعتقدون في الكواكب ومشاركتها في تسيير الأحداث - عن طريق المشاركة لله - ويتقدمون لها كذلك بالشعائر ( ومن هنا علاقة الحلقة المذكورة في هذه السورة من قصة إبراهيم عليه السلام بموضوع السورة كما سيأتي ) .
في ظلال القرآن - (ج 3 / ص 2)
وكذلك كانوا يزاولون اللون الثالث من الشرك بإقامتهم لأنفسهم - عن طريق الكهان والشيوخ - شرائع وقيماً وتقاليد ، لم يأذن بها الله . . وكانوا يدعون ما يدعيه بعض الناس اليوم من أن هذا هو شريعة الله!
وفي هذا المشهد - مشهد الحشر والمواجهة - يواجه المشركين - كل أنواع المشركين بكل ألوان الشرك - بسؤالهم عن الشركاء - كل أصناف الشركاء - أين هم؟ فإنه لا يبدو لهم أثر؛ ولا يكفون عن أتباعهم الهول والعذاب :
{ ويوم نحشرهم جميعاً ، ثم نقول للذين أشركوا : أين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون؟ } . .
والمشهد شاخص ، والحشر واقع ، والمشركون مسؤولون ذلك السؤال العظيم . . الأليم : { أين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون؟ } . .
وهنا يفعل الهول فعله . . هنا تتعرى الفطرة من الركام الذي ران عليها في الدنيا . . هنا ينعدم من الفطرة ومن الذاكرة - كما هو منعدم في الواقع والحقيقة - وجود الشركاء؛ فيشعرون أنه لم يكن شرك ، ولم يكن شركاء . . لم يكن لهذا كله من وجود لا في حقيقة ولا واقع . . هنا « يفتنون » فيذهب الخبث ، ويسقط الركام - من فتنة الذهب بالنار ليخلص من الخبث والزبد - :
{ ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا : والله ربنا ما كنا مشركين } . .
إن الحقيقة التي تجلت عنها الفتنة ، أو التي تبلورت فيها الفتنة ، هي تخليهم عن ماضيهم كله وإقرارهم بربوبية الله وحده؛ وتعريهم من الشرك الذي زاولوه في حياتهم الدنيا . . ولكن حيث لا ينفع الإقرار بالحق والتعري من الباطل . . فهو إذن بلاء هذا الذي تمثله قولتهم وليس بالنجاة . . لقد فات الأوان . . فاليوم للجزاء لا للعمل . . واليوم لتقرير ما كان لا لاسترجاع ما كان . .)أهـ
النص القراني غني بالدروس والافكار ..
وما اشار اليه السيد - رحمه الله تعالى - غيض من فيض ..
ولكنها اشارات رائعة باسلوبه المتميز الساحر للشرك والشركاء ..
[b]
12/5/2014, 10:36 pm من طرف عاصم النعيمي
» القران الكريم
23/8/2011, 8:11 pm من طرف عاصم النعيمي
» lموقع رائع لسماع القران الكريم بصوت معظم القراء خفيف التحميل
26/9/2010, 5:19 pm من طرف عاصم النعيمي
» موقع لرفع الصور لاستخدامها في المواضيع
6/3/2010, 4:44 pm من طرف عاصم النعيمي
» صوت لنبينا الكريم
13/12/2009, 5:03 pm من طرف عاصم النعيمي
» اهلا وسهلا بالعضو الجديد shaeeb
10/10/2009, 9:53 am من طرف عاصم النعيمي
» صلوا على محمد وال محمد ...
10/10/2009, 5:22 am من طرف shaeeb
» ساهم بنصرة رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم
8/10/2009, 6:49 pm من طرف عاصم النعيمي
» حوار مع الشيطان
2/10/2009, 5:11 pm من طرف عاصم النعيمي
» هل يشترط التتابع في صيام الست من شوال
28/9/2009, 3:35 am من طرف عاصم النعيمي
» فضل صيام ستة ايام من شوال
25/9/2009, 5:34 pm من طرف عاصم النعيمي
» الف مبروك وعيدكم مبارك..
25/9/2009, 5:15 pm من طرف عاصم النعيمي